وفق الحديث الشائع حول الحياد في الازمة الراهنة في بلادنا .. يمكن القول ان الحياد في سياق ازمة تؤثر مباشرة بجميع الافراد داخل وطن واحد إنما تنجم عن اصطفاف غير وطني لأطراف الصراع أراد كلاهما تقسيم المجتمع وفقا لهذا الاصطفاف، و هو عمل سياسي يخدم قيادات و رموز هي ذاتها متسببة بالأزمة والمخاطر التي تعممت على كل أفراد المجتمع. و هو امر سبقنا اليه رموز الطوائف في لبنان بالانقسام بين جماعتي 8 أذار و 14 أذار، و أرادا اصطفافا –كما تريده حاليا أطراف الصراع في اليمن، وهي بذلكم تلغي شخصية المواطنين بتعدد طبقاتهم و فئاتهم و مستواهم الثقافي و تطلعاتهم و من ثم الانجرار وراء رموز جهوية لا تخدم الوطن في شيء.
و ذهبت أبواقها الإعلامية للحديث ضمن باقة اتهامات لمن لا يصطف مع أطرافهم في عبثها السياسي .. اذا .. الحياد كمفهوم لا يدرك باعتباره تأييد طرف على الطرف الأخر .. و إنما أكون محايدا في ان ابقى بعيدا عن طرفي الصراع لكني أناصر القضايا العادلة سياسيا و وطنيا وانسانيا .. فأنا مع الشعب وحقه بالدولة والتنمية والاستقرار وضد مراكز القوى التي دمرت مشروعه التغييري وانحرفت به خدمة لمصالحها وانانيتها ولأسيادها بالخارج ..
واذا كان الحياد يتم الحديث عنه بطرق متعددة وفقا لمواقف متباينة انطلاقا من المصلحة الضيقة و توظيف هذه المصلحة في ترجيح موقف سياسي مقابل الموقف الآخر. فأصل الموقف المحايد لغالبية الشعب والشرفاء فيه هو الابتعاد عن طرفي الصراع رغبة منهم في تجنيب الوطن الدولة والاراض والشعب الاحتمالات السلبية الناجمة عن تلك الصراعات وهو موقف يرفض التدخل الخارجي عسكريا وسياسيا. وهو موقف لا يريد مزيدا من تعميم الاقتتال والعنف وتدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة.
إن البقاء خارج دائرة الصراعات هو حق للأفراد – كما للدول – وحتى لا يتحولوا إلى دمى تحركهم نزوات أو تمويلات خارجية.
هنا يتخذ الحياد بعدم الاصطفاف بين طرفين لا يمثلان المجتمع و لا يعبران عنه و ليس لهما مشروعية دستورية و لا شعبية.
و هنا يكون حق الافراد في رفض الاصطفاف مع ايا من هذين الطرفين والاتجاه اما لتشكيل طرف ثالث سياسي او طرف صامت لكن صمته موقف وحقه في الدفاع عن نفسه وممتلكات ازاء أي تهديد ومن أي طرف.
غالبية الشعب يرفض الاصطفاف في هذا المشهد العبثي لأنه أراد السلام والاستقرار و أراد بناء الدولة الوطنية الموحدة حفاظا لصورة اليمن وتاريخها وللحاضر والمستقبل.
إن الحياد لا يعني المساواة بين الجلاَد وضحاياه بين القاتل والمقتول بل يتضمن موقفا رافضا للقتل وللحصار أكان ذلك من الداخل أم الخارج، و هو ما اعلناه من اول يوم في صحف عربية ومحلية وفي مواقع الكترونية متعددة.
هنا يكون الحياد موقفا ثالثا وطرفا ثالثا وتكتلا ثالثا. وهنا ينتهي الحياد ويغيب لأنه يتحول الى موقف بذاته لكنه موقف وتكتل يخاف من تعميم الفوضى والحرب الاهلية رغبة في استمرارية جزءا من ممكنات التعايش السلمي في الداخل ومع دول الجوار.
فالحياد المطلوب هو عدم الارتهان للخارج من احزاب وجماعات ومليشيات وجعل الصراع في محدداته السياسية داخليا والاستعانة بالخارج في دعم مقررات ومخرجات الحوار ضمن بيئة تعزز الاستقرار الداخلي الذي هو استقرار للخارج ايضا.
والاصطفاف الذي اراده البعض امر قائم من ثلاثة عقود وفق آلية النهب وسرقة المال العام والارتقاء بمناصب لاحق لهم فيها قانونا ومن ثم كانت مراكز القوى تستقطب افراد وجماعات تتوافق مع منهجها في الفساد واستملاك الدولة وهو ذات الموقف اليوم مطلوب اصطفاف من من شارك وعمل على تدمير اليمن وجعلها ساحة لصراعات خارجية مع نهب المال العام وتحقير المواطن.
الحياد يتضمن الدعوة لطرف سياسي ثالث وطني نزيه يستهدف اعادة بناء الدولة الوطنية ومجتمع المواطنة..؟